الخميس، 29 فبراير 2024

زوجات البغدادي على قناة العربية.. بتوقيت غزة!




 

نشرت قناة العربية مقابلة مع زوجتي أبو بكر البغدادي وابنته، اللاتي حالفهن الحظ بأن لا يكن معه عندما قتل. كما أعادت مقابلة زوجة البغدادي الأولى بعد الجدل الذي أثارته في مقابلتها التي حصدت أكثر من ثلاثة ملايين مشاهدة، تحدثت بها عن معاملتها للسبايا اليزيديات، بشكل يناقض ما قالته اليزيديات المحررات بأنها كانت قاسية معهن.

بعيدا عن ما دار في المقابلة من معلومات عن الشأن المنزلي للبغدادي، وغيرة النساء التي حدثت داخله. قريبا من توقيت نشرها في ظل الشحن العاطفي العربي والإسلامي بسبب ما يحدث في غزة، تجاه إسرائيل والعالم الغربي الداعم لها، الذي شوهد عبر تعليقات اعتبرت الحديث عن ظلم إسرائيل أولى في هذا الوقت، كما طالبت تعليقات أخرى أن تجري القناة مقابلة مع زوجة ناتنياهو، تشبيها له بأبو بكر البغدادي.

 

الظلم الذي تشهده غزة بتواطؤ غربي، يعتبر مناخا ملائما لانتعاش الحركات الإسلامية المعادية للغرب، التي تريد الإضرار بمصالحه وتسعى للانتقام منه لأجل فلسطين. كما هو الحال مع أسامة بن لادن الذي برر هجومه على أميركا والإضرار بمصالحها بما يحدث في فلسطين، وكما سجل بالصوت والصورة شابان سعوديان شاركا في هجمات 11 سبتمبر قبل انتقالهما إلى الولايات المتحدة.

العنف السني عامة والسلفي تحديدا، يتم إرجاعه بطرق مختلفة إلى السعودية، غالبا بسبب العقيدة، لذلك تعتبر إيران الشيعية أكبر مستثمر سياسي بهذا العنف عمليا ونظريا.

عمليا، على سبيل المثال، قام شباب سعودي بتفجير مقر للقوات الأميركية عام 1995 في مدينة الرياض، وبعد أن تم القبض عليهم وإعدامهم، قامت إيران بتفجير أبراج الخبر عام 1996 فيما ظهر أنه انتقام لهم وتحريض على المزيد من الأعمال ضد" الصليبيين" في جزيرة العرب، عبر تهييج مشاعر الحماس الجهادية. الأمر الذي يظهر اليوم بشكل مقارب عبر تحريك الحوثي الذي وجد تأييدا شعبويا عربيا، بما فيه حماس شعبي مصري رغم تضرر عائدات قناة السويس وبالتالي اقتصاد مصر. الخطورة ليست في هجمات الحوثي المعروف أنه تابع لإيران سياسيا وعقديا، إنما في استفزاز حركات سلفية تبحث هي الأخرى عن مكانها في ساحة الجهاد الشعبوية.

أما نظريا، فالجميع يتذكر تصريح القنصل الإيراني في بروكسل وتحدثه عن جنسية بن لادن السعودية ومشاركة 15 شاب سعودي في عمليات 11 سبتمبر، الذي تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب رد الجبير عليه. كما يمكن العودة لوسائل الإعلام الإيرانية الناطقة بالعربية، التي لم تتوقف عن إرجاع داعش للوهابية والسعودية.

يبدو هاجس السعودية ما يزال قلقا من ظهور حركات إرهابية سلفية في المنطقة، بالرغم من هيئة الترفيه وأنشطتها والصورة الأخيرة التي تسمح لها بالتملص من هذا الإرهاب إذا ما وقع. هذا الهاجس يأتي ضمن نجاح السياق السعودي في مكافحة الإرهاب، في المنطقة عامة والسعودية خاصة. مقابل فشل سياقات أخرى حاربته، إلا أنها زادت من خصوبته وعمقت جذوره، كالنظام السوري في عهد الأب والابن، حيث استطاع حافظ وابنه أن يحولا الإسلاميين من متطرفين إلى ضحايا بسبب العنف المفرط تجاههم وتجاه عوائلهم، إضافة لإبعادهم عن الحياة اليومية، ما جعلهم أشبه بالأسطورة في مخيال الناس، بالتالي أقرب لصورة الصحابة والرسول والآلام التي واجهوها، وحدوث المعجزات.

في حين فعلت السعودية العكس من ذلك، عندما سلطت الضوء عليهم وأبرزتهم كما هم على حقيقتهم، دون محاولة لشيطنتهم، وقدمت آراء إسلامية معتدلة في مواجهتهم، وهدمت الصورة المتخيلة في الأذهان عنهم. 
مثل مقابلة أقدم سجين سياسي وهو وليد السناني، الذي تناولته الألسن في المعتقل كرجل أشبه بالأسطورة، ما تكرر في الدوائر الاجتماعية الأميل للمعارضة، قبل أن يظهر على التلفاز كما هو في الواقع، لتهدم الصورة المتخيلة عنه لدى الأكثرية المحايدة. في حين حول حافظ الأسد الإسلاميين لأبطال حقيقيين بسبب ما واجهوه في سجن تدمر.
وإن كانت السعودية الأعرف بهدم أسطورة داعش في الأذهان، وأنها فعليا قدمت التعاون الأمني بأقصى درجاته، منذ تنظيم القاعدة وإحباطها للعديد من عملياته، إلا أنها بقيت متهمة بدعم الإرهاب، هنا أذكر حوار أجري مع جون لوك ميلانشون زعيم اليسار الفرنسي، قبل الانتخابات الرئاسية عام 2016 وإجاباته عن عنف النظام السوري، حيث أنكره وقال" الضحية الأولى في الحرب هي الحقيقة" وعند مواجته أكثر بالأسئلة، توجه للحديث عن عنف داعش وإعدامها بالسيف المستمد من الطريقة السعودية، التي لا يدين عنفها أحد.

 

أخيرا لا شك أن المقابلات جاءت في توقيت مليء بالإحباط واليأس، لكنه مليء بالأمل بالنسبة للحركات الجهادية، يحذوه الكثير من التفاؤل في البحث عن موارد بشرية جديدة. كما أن عودة تنظيم داعش أو قيامه بعملية مدوية، سوف يقلل الضغط الذي تواجهه الأذرع الإيرانية في المنطقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

زوجات البغدادي على قناة العربية.. بتوقيت غزة!

  نشرت قناة العربية مقابلة مع زوجتي أبو بكر البغدادي وابنته، اللاتي حالفهن الحظ بأن لا يكن معه عندما قتل. كما أعادت مقابلة زوجة البغدادي الأ...