الأحد، 4 أكتوبر 2015

وعود المجاهدين تصطدم بآثام السوريين

تعتمد السلفية الجهادية على الوعود الطازجة لاختراق المجتمعات، كأن يقول الإسلامي بثقة: والله الذي لا إله إلا هو لو علت أصوات التكبيرات في الرقة، لن يبقى بعدها بشار يوم واحد!

وهو بالضبط ما قاله لي قاعدي بصيغة أخرى: والله الذي لا إله إلا هو لو علت أصوات التكبيرات في دمشق، لن تبقى بعدها إسرائيل يوم واحد!

وفي زمن الحروب تجد التنظيمات الجهادية فرصة أكبر للولوج إلى المجتمعات، عبر التركيز على النصر الذي سيكون حلفيهم كما وعدهم الله، والتذكير بشجاعتهم وإقدامهم وما فعلوه بالروس والأمريكان وغيرهم، ليقتنع المتلقي أن بشار الأسد سيكون مجرد لقمة سائغة لهم. ولا يتم إطلاق هذه الوعود دون إرفاقها بوعود أخرى مطمئنة للرد على من حذر منهم، لذلك صدروا أنفسهم بداية كمجاهدين ينوون نصرة المظلومين، ولا ينوون التحكم بهم أو فرض قناعاتهم عليهم، وبأنهم سيبحثون عن أرض أخرى للجهاد بعد نصرة أهل الشام، ولعل مسمى" جبهة النصرة"  دال على ذلك، كأول تنظيم سلفي دخل سوريا بعد الثورة.

بعد ذلك يبدأ الإسلاميون بالبحث عن الخلل في عدم سقوط بشار أو إسرائيل، وبالطبع الخلل ليس في الوعد ذاته الذي أطلقوه وأدواتهم التي تسعى لتحقيقه أو إمكانية تحقيقه ضمن مدة زمنية ما، إنما الخلل يمكن كما أخبرهم الله! في الذنوب التي تجلب غضبه وتمنع نصره، انطلاقاٌ من تفسيرهم لقوله تعالى" إن تنصروا الله ينصركم" ولقوله" إننا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا" وقوله" وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً" وآيات أخرى تفيد أن الله لا ينصر عباده المذنبين ما لم يتوبوا. 

وليتحقق النصر الذي لم يتحقق سريعاً كما وعدوا، يبدأ الإسلاميون بالبحث عن الذنوب وإقامة محاكم تفتيش دينية لتطهير المجتمع منها، وتبدأ هذه المحاكم غالباً بالمرأة، لأن أغلب أهل النار من النساء، ولأن النساء ناقصات عقل ودين، فينال المرأة النصيب الأكبر في عملية التطهير، وتصبح عباءتها ونقابها وضحكتها وعطرها سبب بقاء بشار! والتطهير الذي يبدأ بالكبائر كمحاربة الخمور ومنعها لا يتوقف عند الذنوب كالتدخين، ولا ينتهي بالسنن كصلاة الجماعة وإجبار الناس على إغلاق محالهم التجارية عند سماع الآذان، وأثناء ذلك تتحول عملية التطهير من الذنوب، لعملية تطهير المجتمع من أي معارضة ولو بالقول للتنظيم المسيطر، واعتبار معارضة التنظيم معارضة لأحكام الله عز وجل.

ولن يقف الأمر عند هذا الحد، لينتقل التنظيم لاحقاً للترويج بوجوب الترحيب بالمهاجرين وإكرامهم، وبأن عدم الترحيب بهم سبب مباشر في عدم تحقق النصر، فمؤخراً اجتاحتنا في سوريا مع داعش أسباب جديدة لعدم تحقق النصر، منها عدم تزويج المهاجرين ( هذا ما رواه لي شاب سوري عن أخاه الذي تدعشن وبأنه مقتنع أن الله لم ينصرنا لأن الأنصار لا يزوجون المهاجرين ) علماً أن كل تفصيل ذكر سابقاً أو لم يذكر، يطرحه الجهاديون مقترن بالعديد من الآيات التي تسلب المتلقي عقله، فتكون المحصلة النهائية التي يستيقظ عليها الناس بعد فوات الأوان، قمع آخر جديد يضاف لقمع النظام، لكنه بنكهة أخرى أشد بؤساً ودلالات مغايرة أشد تعقيداً.

ونتيجة لهذه الآلية، يصبح ضعف إيمان أهل الرقة السبب في تعطيل القرار الإلهي ضد نظام بشار الأسد، وعلى ذلك تتحول معركة التنظيم الأساسية من حربها مع النظام، لمحاربة الحاضنة الاجتماعية التي بررت وجودها أو سكتت عنه، فهي حاضنة يجب أن تتماها بالتنظيم بشكل مطلق، وأن تتبنى مشروعه وتعادي أعدائه المنتشرين حول العالم، ما يعني بالضرورة نسيان معركتها الأساسية، فيتحول بشار الأسد إلى عدو لا يختلف عن بقية أعداء التنظيم، والذين هم أعداء لأنهم يرفضون فكر التنظيم، فيتساوى لدى التنظيم وأتباعه كل من هو خارج الإطار الآيدلوجي للتنظيم، ويصبح النظام السوري والأميركي والفرنسي والسعودي على قدم المساواة، ويصبح الجندي السوري الذي يقتل كالسعودي الذي ينظم سير الحجاج.

أمام هذا المشهد السريالي تقف الحاضنة الاجتماعية مدهوشة عاجزة، وتشهد ردات فعل عكسية، كالعودة 
لأحضان النظام على المستوى السياسي لإنقاذ ما تبقى، أو الخروج من رحم الشريعة بشكل مطلق على المستوى الفكري، أما على المستوى الاجتماعي فمن غير الممكن استيعاب هذه الجماعات في المدن، فآلاف المهاجرين الذين لم يأتوا للقتال أساساً، والذين هجروا بلاد الكفر متجهين لبلاد الإسلام، إنما هاجروا على حساب هوية المكان الأصلية وقبل ذلك نضال الأهالي وطموحهم بوطن حر وديمقراطي يحكمه القانون، الأهالي الذين لم يكن في بالهم أو حسبانهم بأن هذا سيحدث، فمن من سكان الرقة الذين خرجوا يتظاهرون ضد ما يحدث في درعا وحمص من مجازر، كان يعتقد أن مهاجراً صينياً سيصبح جاره وبأن تونسياً سيجبره على مظهر محدد وبأن فرنسياً سيكفره لأنه يجهل تعاليم دينه! وهو ما تشهده شوارع الرقة من آلاف المهاجرين والمهاجرات الذين يمارسون الحياة التي يريدونها ويفرضونها على سكان المدينة بالقوة والإرعاب من خلال قطع الرؤوس وجز الأعناق والخطف والجلد، قطع رؤوسهم ليس لأنهم يؤيدون بشار مثلاً إنما لكونهم عصاه مذنبين يجب اجتثاثهم لينتصر التنظيم على أعدائه.

زوجات البغدادي على قناة العربية.. بتوقيت غزة!

  نشرت قناة العربية مقابلة مع زوجتي أبو بكر البغدادي وابنته، اللاتي حالفهن الحظ بأن لا يكن معه عندما قتل. كما أعادت مقابلة زوجة البغدادي الأ...