الأربعاء، 5 يونيو 2013

بيت الصحفيين: نموذج لدعم حرية الصحافة

 تحول المصنع المهجور المقابل لمقبرة" غرونيل" على يد الصحفية دانيال أهايون والمخرج فليب سبينو لبيت حافل بالحياة، بعد أن استقبل أكثر من مئتين وخمسين صحفي من اثنين وخمسين دولة حول العالم، وبات ما يعرف ببيت الصحفيين من المعالم الإنسانية في العاصمة باريس.


تقوم فكرة البيت والذي تأسس في العام 2002 على توفير السكن للصحفيين الهاربين إلى فرنسا، وهو ما تعبر عنه الرسومات المعلقة على جدرانه الداخلية، لوحة لصحفي يحمل كاميرا ويعبر أسلاكاً شائكة، وأخرى لصحفي وصل فرنسا مرهقاً ممزق الثياب، ولوحات أخرى تعبر عن خطورة العمل الصحفي كقلم يمشي سعيداً ينتظره في الزاوية رجل يرفع مطرقة كبيرة ويهم بسحقه.

مديرة البيت دارلين كوتيير القادمة من هايتي تقول" بيت الصحفيين جمعية مستقلة غير مرتبطة لا بالدولة الفرنسية ولا بأيٍ منظمة أخرى" وتضيف" يُمَول البيت عن طريق وسائل الإعلام الفرنسية والتي تتكفل كل واحدة منها بغرفة تحت رعاية الصندوق الأوربي للاجئين.. بلدية باريس أيضاً أحد الداعمين للبيت".

يتكون البيت من ثلاث عشرة غرفة، تحمل كل غرفة إسم وسيلة الإعلام المتكفلة بمصاريف إقامة الصحفي لمدة ستة أشهر، وخلال ذلك يتم مساعدته للحصول على اللجوء الذي يمكنه من الإقامة. المساعد الاجتماعي فردريك غوا مسؤول عن إعطاء الصحفيين كوبونات يومية تمكنهم من الأكل والشرب، وبطاقة شهرية للتنقل بالمواصلات العامة في مدينة باريس، بالإضافة لمساعدة الصحفي للحصول على التأمين الصحي والمساعدات المادية من قبل المنظمات المختصة، وأخيراً تأمين السكن البديل بعد انتهاء مدة الإقامة عن طريق المنظمات المعنية.

الصحفي البنغالي محمد كبير لم يحالفه الحظ في الحصول على قرار اللجوء من" الأوفبرا" وهي المحكمة المكلفة بالنظر بطلبات اللجوء ومنحها. ما دعاه لطرق باب آخر، حيث توجه لنقابة المحامين وكلف أحدهم برفع دعوى قضائية، لاحقاً صدر قرار القاضي بمنحه اللجوء وتعويضه عن كامل تكاليف الدعوة.
للسوريين الحظ الأوفر والأسرع في" الأوفبرا" ومنحهم حق اللجوء، ولهم نصيب الأسد في بيت الصحفيين، حيث يشغلون أربع غرف بشكل متواصل، وحول ذلك تقول كوتيير" إنّ تواجد الصحفي السوري في البيت متعلّق بما تعيشه سوريا حاليا من إضطهاد" وتضيف" أتمنى أن ينقل كل صحفي ما يحدث في سوريا".

الصحفي السوري فؤاد عبدالعزيز والذي غادر سوريا إلى الأردن سيراً على الأقدام في ظروف خطرة برفقة زوجته وأطفاله، لينتقل لاحقاً إلى فرنسا، حيث حطت رحاله في البيت يقول" فكرة البيت جميلة وهي تهيئ أول فرصة في هذا البلد الذي نجهله وتحمي الصحفي من الضياع في البداية".

الصحفي السوري نارت عبدالكريم والذي غادر سوريا بعد أن داهمت عناصر الأمن منزله في دمشق، كان أحد ضيوف بيت الصحفيين في بدايات قدومه إلى فرنسا، وعن البيت يقول" تشعر هنا أن الجميع يشبهك إلى حد ما.. ورغم عائق اللغة هناك فرصة للتعرف على ما تعانيه الصحافة من اضطهاد في البلدان الأخرى".

ولا يخلو البيت من الأنشطة الثقافية كزيارة المتاحف ومعالم مدينة باريس، وحضور بعض المؤتمرات، إلا أن برنامج" الصحفي المراسل" الأبرز والأكثر جدلاً بين الصحفيين في البيت، حيث يتحدث الصحفي من خلال البرنامج عن تجربته الصحفية للطلبة الفرنسيين في المدارس الثانوية وما تعانيه الصحافة في بلاده، يتم ذلك عبر منظمة" كليمي" وهي جزء من وزارة التربية الفرنسية، بتمويل من شركة" بريس تاليس".

الصحفي نارت عبدالكريم أحد المشاركين في برنامج" الصحفي المراسل" وعن التجربة يقول" المحاضرات التي ألقيتها جعلتني أختلط بالمجتمع الفرنسي وأتعرف عن قرب على غياب تاريخ منطقتنا وسوريا تحديداً" وعن أبرز الأسئلة التي وجهها الطلبة يقول" غالبية الأسئلة كانت عن عدم خوفنا من قدوم السلفيين وكنت أجيبهم أن الأنظمة العلمانية ارتكبت المجازر بحق شعوبها أكثر من الإسلاميين".

الصحفي فؤاد عبدالعزيز يتحدث عن تجربته مع البرنامج قائلاً" سألني أحد الطلبة عن وضع أسرتي والتي كانت ما تزال في الأردن فأجبته أن ابنتي مريضة ووضعها الآن حرج وبأن آخر ما كتبته على صفحتي في الفيس بوك- ما أصعب أن تكون أباً من بعيد-" ويضيف" فرغت من جملتي وبدأ بعض الطلاب بالبكاء.. شعرت بالحرج الشديد واعتذرت منهم".

وفي المقابل يرى الصحفي أحمد صلال والذي غادر سوريا بعد أن تعرض للاعتقال عدة مرات، أن البيت له اسم أكبر من حقيقته ويقول" البيت مكان للسكن ومتابعة الأوراق الرسمية وهذا جيد إلا أنه يفتقر لأبجديات التأقلم الصحفي فليس هناك دورات تدريب ولا اطِلاع على مبادئ العمل الصحفي في فرنسا".

الصحفية الفرنسية ايفا تبيغو والتي جاءت لإعداد فيلم قصير عن البيت توافق الصلال من حيث أن الإسم أكبر من الحجم الحقيقي للبيت وتقول" عندما سمعت بفكرة البيت ذهلت وبعد أن قدمت وجدت أن البيت مهم لكنه يفتقر للعديد من الأشياء".

الناشط والصحفي التشادي مكايلا منقبلا، يرى أن البيت يشكل فرصة للإحتكاك مع الصحفيين من جنسيات أخرى والتعرف على قضايا بلدانهم. وعن الأزمة السورية يقول" شكل الصحفيون السوريون فرصة لأتعرف على تفاصيل ثورتهم" ويستهل حديثه عن الأزمة السورية مشدداً أن الحل يبدأ بمغادرة الأسد للسلطة، منهياً حديثه بحدة وبلغة عربية ركيكة وهو يضرب الطاولة" لازم يمشي".

ويضم البيت الكثير ممن ليس لهم علاقة بالصحافة والإعلام، حيث يقوم اللاجئيين القادمين بصورة غير شرعية بتسليم أنفسهم للصليب الأحمر في فرنسا، ويدعون بأنهم صحفيون مهددون في بلدانهم من أجل الحصول على اللجوء، وبدوره الصليب الأحمر يقوم بإرسالهم إلى البيت.

هذا ويوفر البيت للصحفيين المقيمين أو الذين أقاموا فرصة الكتابة عبر موقعه على الانترنت" عين على المنفى" L’œil de l exilé، عن بلدانهم والأحداث التي تعيشها، باللغة الفرنسية أو ترجمتها للفرنسية ونشرها. ويعد البيت مقصداً للصحفيين الفرنسيين الباحثين عن معلومات تخص تلك البلدان.

زوجات البغدادي على قناة العربية.. بتوقيت غزة!

  نشرت قناة العربية مقابلة مع زوجتي أبو بكر البغدادي وابنته، اللاتي حالفهن الحظ بأن لا يكن معه عندما قتل. كما أعادت مقابلة زوجة البغدادي الأ...